ونحن الآن على أعتاب بدء الدراسة٬ أحببت أن أجيبكم على سؤال كثيرٍ ما طُرح عليّ وهو "كيف نجعل أبناءنا متفوقين دراسياً بحب ورغبة من الداخل؟" كلّ منا يتمنى من أعماقه تفوقاً دراسياً لأبنائه، ومن أجل ذلك قد نستخدم عدة أساليب منها الصحيح ومنها الخاطئ، فلنركز عدستنا التربوية قليلاً في هذا الشأن.
أولاً:
إن دفع أبناءنا للتفوق من خلال النقد والتوبيخ واللوم والحبس والإهانة هو أسلوب خاطئ مئة بالمئة، وستجد ضرره على مدى الأيام لأنه يدمر تقدير الذات، وإذا تدمر تقدير الذات سيعاني ولدنا في حياته وسيمتلك شخصية مهزوزة مترددة سلبية متشائمة غير متوازنة.
ثانياً:
إن دفع ولدنا للتفوق من خلال زرع التنافسية في أعماقه، بحيث يجن إذا سبقه أحد، وبالتالي يبذل الجهد المستمر ليبقى هو في المقدمة لا غيره هو أسلوب خاطئ أيضاً يجعل قلبه مريضاً بتقديس "الأنا" وكره الخير للآخرين، ويقتل الإبداع في نفسه، لأنه سيكتسب عقلية ثابتة fixed mindset ترى نجاحها في أعين الآخرين وتتألم كلما تفوق غيرها، وتخشى المغامرة والإبداع حتى لا تتعرض للفشل أمام الناس.
ثالثاً:
إن دفع أبناءنا للتفوق من خلال زرع قيمة رضا الوالدين في نفسه ثم استغلالها من خلال ربط الرضا المشروط بالتحصيل الدراسي هو أسلوب خاطئ أيضاً لأنه يجب أن يتفوق أولاً من أجل قناعاته وليس من أجل قناعات الآخرين، وهذا الربط سيكسبه أيضاً عقلية ثابتة لأنه يعمل لأجل الناس لا لأجل قناعاته.
إذن كيف ننجح؟
أولاً:
إيقاد الدافع الداخلي "النية الصحيحة". والتي نستدل عليها بسؤال "هل تعلم لماذا يجب أن تدرس؟" اسأله واستمع له وأكد الأفكار الصائبة التي تحدث بها مثل "أحب أن أكون إنساناً مميزاً.. أحب أن أؤدي واجبي.. أحب أن أكون قدوة أمام إخوتي، أحب أن يرضى عني ربي، ويرضى والداي".
- يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات" المجادلة: 11
- (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) أخرجه مسلم
- (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه وعالماً أو متعلماً) أخرجه الترمذي
- ( إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلّون على معلمي الناس الخير) أخرجه أبو داود
- عن صفوان بن عسال - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - " وهو في المسجد متكئ على برد له أحمر "، فقلت له: يا رسول الله، إني جئت أطلب العلم، فقال: " مرحباً بطالب العلم، إن طالب العلم لتحفه الملائكة، وتظله بأجنحتها، ثم يركب بعضهم بعضاً حتى يبلغوا السماء الدنيا، من حبهم لما يطلب "رواه الطبراني
ثانياً:
قوة العادة هي قاعدة التفوق في أي مجال. يجب أن نستثمر قوة العادات وتأثيرها السحري على الدماغ لتحصيل التفوق الدراسي ونبدأ مع الطفل منذ الصغر (وحتى لو كبر أيضاً يستطيع أن يؤسس العادة).
- عندما يعود ولدنا للبيت ويأكل ويرتاح يبدأ الدراسة في وقت محدد (مثلاً الساعة الرابعة والنصف).
- دعه يدرس في مكان تستطيع أنت أن تجلس فيه (في غرفة الجلوس أو غرفة نومه).
- تسأل الأم كل واحد من أبنائها ما هي الواجبات التي يجب أن يقوم بها هذا اليوم، وتطلب منه أن يضع خطة لهذا اليوم مع تقدير الوقت اللازم، وكذلك يضع استراحة منطقية.
- تجلس الأم مع الأبناء في هذا الوقت وتساعد من يحتاج مساعدة خاصة الصغار.
وتذكّري أن:
العادة بحب تحتاج وقتاً وصبراً ولكن نتائج العادة مذهلة، تؤثر في ولدنا مدى حياته، في نجاحه، وفي سهولة تكوين عادات أخرى تدفعه للنجاح في ميادين مختلفة، وبالتالي تربية أبناء مميزين أنقياء محبين لله وللناس ولمجتمعهم.