تُفتح أمام أبنائنا كل يوم أبوابٌ تجرفهم لعالم من الضياع، لا يمكن أن تحفظهم من شرورها إلا إذا امتلكت درعين لحمايتهم:
الدرع الأول: درع الإيمان وغرس محبة الله في قلوبهم وأرواحهم خاصة في الصغر، ويكون ذلك من خلال تفكرهم في أنفسهم وفي الكون لمشاهدة إحسان الله ورحمته وكرمه وحكمته وقدرته وإبداعه، فيصبح لديهم معرفة بالله وإيمانٌ يمتلئ باليقين، وحسن الظن بالله يجعلهم يخشونه ويطيعونه بحب وهو جوهر معنى الإسلام والعبودية.
الدرع الثاني: علاقتك الإيجابية بأبنائك عندما تكون حريصاً ألا تخرج منك كلمة جارحة لولدك، وتقول له ما في نفسك وأنت حريص كل الحرص أن تتكلم معه بأحسن الطرق وأكثرها أدباً ورفقاً كما لو أنه أعز وأحب أصدقائك إلى قلبك سيستمع ولدك إليك وسيلجأ لك يوم تفتح أبواب الشرور أمامه ولا يدري ماذا يفعل، ولكن شرطُ ذلك أن تكون حريصاً في تعاملك معه منذ الصغر. وتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على سواه". أما إذا لم تراعِ ذلك وهو صغير ثم جئت تحاول ترقيع ما فعلت معه بعد أن هدمت الثقة بينك وبينه، ستحتاج إلى وقت وصبر لإعادة الثقة، ولكن الأمر يستحق، فستكسب ولدك أو ابنتك من جديد، ولكن ستبذل جهداً مضاعفاً ربما يصل إلى عشرة أضعاف ما نبذله في الصغر، وذلك كفارة الإساءة إليهم في صغرهم.
كثير من الآباء والأمهات يستعرضون عضلاتهم على أبنائهم وبناتهم لسكرتهم بنشوة "السلطة" فلا يراجعون أنفسهم استقواء على هؤلاء الصغار، فتراهم يرسمون لهم ما يجب أن يفعلوه أو يسيروا عليه وإن لم يفعلوا فسيمطرون وابلاً من السخط فوق رؤوسهم، ثم ما يلبث الطفل أن يراهق فيبدأ في خطة الانتقام ليتمرد ولكن إلى أين مع الأسف؟.. سيتمرد والجاً أبواب الشرور.
ولنعطي مثالاً على ذلك: مشكلة خطيرة انتشرت بين شبابنا، وهي أن غالبية أبنائنا المراهقين يشاهدون المواقع الإباحية، وبعضهم قد يدمنون عليها ويبدؤون في تناقل هذه المواقع بينهم في عمر 11 و12 سنة، فماذا نفعل؟
دع أبناءك يضعون حلولاً للأسباب التي تدفع الشباب لهذا النوع من الانجراف، وكأنهم يعالجون مشكلات غيرهم، لأن هذا التفكير سيكسبهم الوعي في المحافظة على أنفسهم، ومثال ذلك: خطورة الفراغ، وخطورة امضاء وقتٍ طويلٍ على الانترنت، وأهمية استبدال ذلك بالإقبال على الرياضة وممارسة الهوايات، وأهمية اختيار الرفقاء. تستطيع أن تنشئ هذا الحوار الإيجابي مع أبنائك لحمايتهم من أبواب الشرور، ولكن تذكر أن ثقتهم بك وصداقتهم معك هي المفتاح الأول لقبول أفكارك فلا تخسرها من أجل أي شيء، وتذكر أهمية أن تتسامح مع أخطائهم ولا تكبرها حتى لا يخافوا أن يحدثوك بها ويكشفوا لك بابًا من الشر قد دخلوه غفلة وضعفًا. ولا ننس أن ندعو لهم كل يوم أن يتولاهم الله بحفظه ورعايته وينبتهم نباتًا حسنًا إنه ولي كريم.
"رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" (الفرقان/74)
أصبحت إقامة العلاقات غير المشروعة بين أبنائنا وبناتنا أمراً شائعاً مع الأسف، لدرجة أنه كاد أن يكون شيئاً طبيعياً بحجة دواعي الانفتاح أو وهم الزواج وضغوط الحياة.
وللأسف نجد أن هذا الأمر طال أيضاً بعض الأسر المحافظة، حيث لم يمنع تشدد الرقابة والتقييد بناتنا وأبنائنا أن يقيموا علاقات غير مشروعة على الأقل عبر الهاتف في غياب رقابة الوالدين ورقابة الذات، وإني لأجد أن الموضوع يحتاج إلى نشر الوعي بيننا وبين أبنائنا، حيث أن هذه الظاهرة تتفشى بشكل أوسع يوماً بعد يوم، والطرق التي نتعامل بها عامة لمواجه المشكلة غدت شبه قاصرة، فما الحل؟..
نحن جميعاً نعلم بأن بناء الإيمان في الصغر يولد الرقابة الذاتية التي تفصل بين السلوك المحرم والسلوك الحلال، وهذا شيء مهم في الصغر.
وهناك شيء مهم يجب أن نقوم به أيضاً عند دخولهم سن المراهقة، وهو تزويدهم بمطعوم وقائي للعقل لينظر بوعي للخطر الذي يحيط به تجاه هذا السلوك الخاطئ، وهذا المطعوم هو:
"تفكر في الحكمة من تحريم هذا النوع من العلاقات"
عندما تتكرر هذه النقاط وغيرها على مسامع أبنائنا تصبح قناعة تجعلهم يحذرون من إقامة العلاقات غير المشروعة ويتجنبونها.
• نتمنى من الآباء والأمهات.. استيعاب أبنائهم وفتح مجال الحوار معهم والابتعاد عن الشدة وتقييد الحريات والتعامل من دون ثقة مما يدفعهم إلى المزيد من الإساءة لأنفسهم.
كما نرجو إحاطتهم بالحب والقبول، فغالبية العلاقات غير المشروعة هي سبب للحصول على القبول بسبب عدم تقبل الأم لابنتها في البيت واشعارها بالرفض، وعدم تقبل الأب لولده واشعاره بالرفض، مما يضطرهم للبحث في حجر الشيطان عن كيفية الحصول على الحب والقبول، وذلك يحدث بسبب جهل الآباء أن الإحساس بالقبول هو حاجة تتعلق بالتوازن، فينحدر أبناؤنا باحثين عن اشباع لهذه الحاجة، ويبدؤون رحلة التخبط والضياع، فاتقوا الله في أبنائكم.
• وإني لأوصي أبنائي وبناتي الشباب والشابات في الإقبال على الدعاء في أن يعافيكم الله من تعلق غير مشروع، ويحفظكم من كل سوء، وأوصيكم بالصبر والتقوى، والإيمان بأن الله هو الرزاق الكريم، يعوضكم خيراً ويرزقكم بتقواكم سعادة الحياة الدنيا والآخرة، الحياة الطيبة، الحياة الأغلى. ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب)، (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً).
إن التربية الجنسية ترتبط بالثقافة المتعلقة بمفهوم الجنس، وهي ثقافة مهمة تؤثر في شخصية أبنائنا مدى الحياة.
فإذا ربطنا مفهوم العورة مثلاً بأنه كخ وعيب فسيؤثر على نجاح علاقته الجنسية في المستقبل، لذا يجب أن نكون أذكياء بالإجابة على أسئلة أبنائنا ، ويجب أن نجيبهم ولا نسكتهم، وإلا سنغلق قناة التواصل معهم في مرحلة مهمة هي المراهقة، لن نجيب على أسئلتهم صراحة، ولكن سنجيب بذكاء إجابة صحيحة ومختصرة لا نوضح فيها شيئا يمس ببراءة وحياء الأطفال.
عندما يسألون عن الجنين من أين جاء؟ فنجيب بأن الأم والأب عندما يتزوجون ويحبون بعضهم فإن الله يخلق في داخل بطن الأم (الرحم) جنيناً أي طفل صغير، وأن الله خلق الأولاد والبنات بتكوين مختلف قليلاً من الداخل في منطقة التبول لأنه حكيم، ومن الطبيعي أن تجد الأطفال يحاولون اكتشاف أجسامهم وأجسام غيرهم فلا داعي للقلق، ولكن يجب أن نعلمهم بأننا يجب أن نغطي أجسامنا ونسترها، كما يجب علينا أن نتابعهم بآداب استخدام بيت الخلاء، وأسس الطهارة، ونتعامل مع هذا الأمر بطريقة طبيعية وعلمية وشرعية من دون إثارة التوتر.