هل تمنح ولدك الحرية النفسية أم تقتل إبداعه وأنت لا تدري

news cover
20نوفمبر2020
التربية الجنسية
198 مشاهدة

يولد الطفل منطلقاً محباً للمعرفة والاكتشاف.. طبيعياً خالياً من التصنع.. بريئاً خالياً من النفاق.. ثم يبدأ فيكبر والأهل يرونه أهم منتج لأحلامهم وطموحاتهم.. وأن هذا المنتج يجب أن يكون مثالياً قدر الاستطاعة ليعبر عن روعتهم.. فيبدأ الأهل في رسم الخطوات التي يجب أن يسير عليها بدقة من خلال الإرشادات المستمرة.. ومدحه عندما يسير عليها وتوبيخه عند الخطأ.. فيسير يوماً بعد يوم.. ولم تتح له الفرصة -عادة- ليعبر عما يريد وعما يرغب وعما يحب، بسبب الصورة النهائية التي يجب أن يحققها، وبسبب أنه صغير لا يعرف مصلحته بعد؛ تغيب إرادته الذاتية مع سطوة إرادتنا وتحكمنا به فيفقد الطفل شعوره بالحرية النفسية ويبدأ الكبت..

يحتاج الطفل أن يشعر أنه قادر على الاختيار.. قادر على التعبير.. قادر على الشعور بالاستقلالية.. وأنه كائن مختلف عنا.. له تفرده وكيانه.. له آراؤه وأفكاره.. وله مشاعره وحاجاته الخاصة..

عندما يكبر الطفل ويصبح فتى على أعتاب الجامعة - ولم تمنح الحرية النفسية - تسأله ماذا تريد أن تدرس في الجامعة؟ فيقول: لا أدري حسب المعدل!.. لكن أهلي حابيني أكون مهندس!

عندما يخسر الطفل الشعور بالحرية النفسية يبدأ الكبت.. وعندما يبدأ الكبت تتراجع الثقة بالنفس ويتراجع تقدير الذات.. تتراجع معرفة الذات.. معرفة ما يريد الإنسان وما يحب وما يستمتع بالقيام به فعلاً.. فينتكس الإبداع.. لأن الإبداع لا ينمو إلا في ضوء الشعور بأني قادر على الاختيار وأعرف ما أريد وأحب ما أفعل.. أي لا ينمو إلا في ضوء الاستقلالية.. تشير الدراسات العلمية بأن جميع المبدعين الذين أضافوا شيئاً مبتكراً لمجتمعاتهم؛ قد وفرت لهم أسرهم الشعور بالاستقلالية والحرية النفسية، ومنحتهم حرية التعبير وحرية التفكير وحرية الاختيار..

قد نحرم ولدنا حرية الاختيار خشية أن يخطئ.. ولكنه سيخطئ أكثر في المستقبل لأنه لم يستطع أن يصقل مهارة اتخاذ القرار التي لا تنمو إلا في ضوء الممارسة، يحتاج ولدنا أن يبادر فيصيب مرة ويخطئ أخرى ليتعلم كيف يتعلم من خطئه فينمو ويتطور. إنه إذا كان يخشى الخطأ لن يبادر إلا في حدود تقليدية ضيقة تجعله إنساناً محدوداً يخشى المبادرة إلا إذا كانت مضمونة مئة بالمئة، فيفقد المغامرة ومعانقة التحديات والقفز على سلم التطور الذاتي والمجتمعي..

دعوه يبادر دون خوف ويتعلم أن الأخطاء الجديدة هي طريق التطور والإبداع..

كثير ما يساء فهم هذه الحرية بسبب خوفنا من أن ذلك قد يؤدي إلى التفلت من الدين.. وهذا الخوف ليس في مكانه.. لأننا يجب أن نغرس الإيمان والعقيدة والقيم ونترك لأبنائنا حرية التعبير والاختيار فيما يخص حياتهم..

فمثلاً..

عندما نجبر الطفل أن يأكل ما نريد سيشعر بالقمع والكبت.. ونحن نستطيع أن نتيح له الاختيار ونحاوره أنه من الجيد أن يأكل قليلاً من هذا الطعام من أجل أن هذا الطعام مليء بالفائدة ويمنحه القوة.. ثم يستطيع أن يأكل بعدها ما يحب..

فكيف نوفق بين الحفاظ على سلطة الوالدين ومنح الحرية النفسية؟

    المؤلف

    shape

    أ. مها شحادة

    خبيرة بناء الشخصية وفق أبحاث الدماغ ومؤلف منهاج تفكر, مدير عام مؤسسة تفكر

تصنيفات

    إصدارات للمؤلف

    author_work

شارك المقال لتعم الفائدة

شارك مباشرة إلى المنصة المرغوبة

أو احصل على رابط المقال

shape

تواصل معنا

مجال الاهتمام
الرسالة