عندما تمر بتحديات صعبة وأزمات تقول لنفسك "كن إيجابياً" فتحاول ألا تفكر بما يحدث معك من وقائع مؤلمة، لتركز على أهدافك وحياتك، فتسير أمورك على ما يرام، بالرغم من التحديات التي تحيط بك، تمضي قدما إلى الأمام، ولكنك تشعر أنك لا تمشي بوزنك الطبيعي، بل كأنك محملاً بأثقال، تجرها معك حيث مضيت.
ومع تراكم التحديات، والاستمرار في الرغبة في التفكير الإيجابي، تمشي وأنت تحمل جبالاً على كاهلك وأنت لا تدري، لأنك مصر على الإيجابية والتقدم في الحياة، ثم تتساءل:
لماذا أشعر أني لا أستمتع بالحياة؟ ولماذا أشعر أن صحتي وطاقتي الجسدية في تراجع؟ ولماذا؟ ولماذا؟
إن كان هذا الوصف ينطبق عليك فأنت شخص دخل في قفص السلبية باسم الإيجابية الكاذبة.
كثيراً ما يتم الإساءة إلى مصطلح الإيجابية.. "كن إيجابياً".. "وإيجابياً".. "وإيجابياً".. دون وعي كافٍ بما تعني الإيجابية حقاً، فتتحول إلى "مُخدّر" يسمح بتراكم السموم داخلنا، ونحن لا نريد أن ننظر أو نشعر أو نفكر!
من الطبيعي أن تشعر بالحزن أو الغضب أو الإحباط، لا تتجاهل هذه المشاعر لتبدو إيجابياً. اسمح لنفسك بالتعبير عنها بطرق صحية. تذكر أن النبي محمد ﷺ بكى وحزن، وكان له عام كامل يسمى "عام الحزن".
طرق صحية للتعبير عن مشاعرك:
عندما تطفو مشاعرك السلبية إلى السطح وتدركها، يمكنك البدء في فهم أسبابها ووضع حلول حقيقية.
أمثلة على مشاعر قد تحتاج للتسمية:
الصبر لا يعني التجاهل، بل الاعتراف بالضعف مع الإيمان والاستمرار في السعي.
إذا كانت معاناتك مرتبطة بأشخاص حولك، فتعلم أن تضع حدوداً. لا تبرر الإيذاء بحجة الطيبة أو الرغبة في السلام. الإيجابية تعني احترام الذات أيضاً.
استخدم أيضاً هذه الصيغة البسيطة:
أنا أشعر بـ... وأحتاج أن...
أمثلة:
ستبقى الحياة تتقلب معك، ساعة شكر، وساعة صبر. تقبلك للمشاعر المختلفة والنمو من خلالها هو جزء من عيش الحياة الحقيقية بألوانها.
عندما تكون مبادئك في الحياة عظيمة وأهدافك تتوافق مع هذه المبادئ ستحترم نفسك على قدر عظم المبادئ التي تؤمن بها
وكلما تطابقت أفعالك مع هذه المبادئ زاد احترامك لنفسك وارتفع تقديرك لنفسك
وعندما يتحدث الإنسان عن إيمانه بمبادئ عظيمة ويفعل عكسها يفقد احترامه لنفسه بقدر هذه الفجوة التي تفصل مبادئه عن سلوكه
قد يعتقد بعض الناس أنه من الذكاء أن أخدع الآخرين بقناع أضعه أمامهم أبدو من خلاله بأني إنسان كبير بمبادئي التي أتحدث عنها وهو في الحقيقة لا يخدع أحد بقدر ما يخدع نفسه فهو لا يدري أنه يشعل صوت الاحتقار الذاتي في أعماقه الذي يفسد عليه مشاعره الإيجابية عن نفسه في كل لحظة تجعل فاقداً للاحترام الذاتي وفاقداً الإحساس بقيمته الحقيقية
لذلك أكثر الناس كرهاً لأنفسهم هم المنافقون والنرجسيون الذي يعيشون في خداع دائم والشيطان يزين لهم أنهم الأذكى وهم في الحقيقة ليسوا سوى الأحقر أمام أنفسهم وأمام من يكشفهم!
أن تحترم نفسك وتقدرها يعني أن تكون حقيقياً لا مزيفاً.. وأن تتطابق أقوالك مع أفعالك.. فإذا زللت وتعارضت أفعالك مع أقوالك ومبادئك فليس لك إلا التوبة تعيدك إلى ذاتك الحقيقية وتقلص الفجوة التي تكونت في أعماقك وتردك إلى صدقك مع نفسك رداً جميلاً..
اللهم ردنا إليك رداً جميلاً..
خمس خطوات لتكون "أنت" النسخة الأصلية من نفسك
هل أنت النسخة الأصلية من نفسك؟ أم أنت نسخة مما يجرك إليه من حولك من أشخاص أو إعلام أو غيره من المؤثرات الخارجية المترامية هنا وهناك؟..
ربما يكون هذا الزمن هو الزمن الأصعب أن نكون حقيقيين لأن التأثيرات الخارجية التي تصب في مساحة وجداننا أصبحت تتراكم بطرق معقدة ومتسارعة بداخلنا، حاجبة عنا ذواتنا الحقيقية مؤدية بنا إلى الشعور بالتخبط والضياع والضيق وربما مرض العصر "الاكتئاب".. فكيف نبصر ذواتنا الحقيقية ونشعر بالقيمة والثقة والرضا والسعادة؟
أولاً: حتى تعرف ذاتك وتجمع نفسك عليها تحتاج أن تسأل أهم سؤال في حياتك وهو: ما هي قيمي العليا؟ بماذا أؤمن؟
ثانياً: تحتاج أن تسأل نفسك السؤال الثاني المهم جداً وهو: ماذا أريد؟
ثالثاً: يجب أن تتوافق أهدافك مع قيمك العليا لتصب في طريق تحقيقها فتجمع نفسك بذاتك الحقيقية، وإلا ستبقى في ضياع وتعب.. مستعيراً ذاتاً غير ذاتك.. ذاتاً رسمها لك التأثير الخارجي أو مخاوف ألقتها عليك هذه التأثيرات وجعلتك تجري متخبطاً تائهاً عن ذاتك..
رابعاً: تحتاج أن تضع خططاً لحياتك تنبثق من قيمك العليا، وتُبسّطها إلى أهداف يومية تعيش لذاتها لأنك أنت من اختارها، ولأنك تتقدم نحو ما تريد، عندما تجد أن ما تقوم به يصب في قيمك العليا سترتاح وتسكن وترضى، نعم لا شك أننا جميعاً نُبتلى ونعاني ونصبر، ولكن لن تضرنا العواصف ما دمنا نسير في مركبنا الذي اخترناه وتشبثنا به، وستمر عنا ونبقى ثابتين، وكم ستكون العواصف متعبة إذا واجهتنا ونحن لا ندري أين نحن ولم نختر أين نكون.
خامساً: نحتاج أن نقف وقفات استكشافية خلال يومنا، ونتساءل: كيف أشعر الآن؟.. وبم أفكر؟.. وماذا أفعل؟..
هل أفكاري ومشاعري وسلوكي يصب فيما أريد؟ أم أنا مشتت وتائه؟ فإذا وجدت نفسك – مثلاً- مستغرقاً بحوار داخلي متعب حدث بينك وبين أحد من الناس، اجمع نفسك بذاتك مجدداً بالأسئلة التالية: هل ما أفكر به يساعدني لأتقدم نحو ما أريد؟ فإن لم يكن فاختر أن تفكر بشيء تريده يصب في أهدافك..
وإذا مررت بتجربة صعبة ومحبطة؛ قف مع نفسك متسائلاً: هل هنالك شيء ما يمكن أن أتعلمه يساعدني لأتقدم نحو ما أريد؟ تعلم مما حدث وعد للتركيز على ما تريد.. وإذا شعرت بالانبهار من شيء يلمعه الإعلام أو يطري عليه الناس يشدك بعيداً عنك؛ اسأل نفسك مجدداً لتعود لقواعدك سالماً: هل هذا حقيقة ما أريد؟ أين أنا ذاهب وماذا أريد؟
من الطبيعي أن نتشتت أحياناً عن طريقنا، فالتشتت سيجعلنا نشعر بالضيق، ثم نعود بحب وشوق لما نريد.. ومن الطبيعي أن ننسى أحياناً ونُجر إلى ما لا نريد.. عندها سنشعر بالضياع فنعود ونقف مع أنفسنا وقفة الاستكشاف الداخلي متسائلين: ماذا أشعر؟.. وبم أفكر؟.. وماذا أفعل؟.. وماذا أريد؟..
فنسترجع وعينا ونعود إلى ذواتنا الحقيقية التي تعرف بم تؤمن وأين هي ذاهبة وبم هي راغبة.. فتشعر بالرضا والسعادة لأنها على الطريق.. وهذه حكمة من أننا مخيرون.. أكرمنا الله بالقدرة على الاختيار.. فلن نسعد إلا إذا امتلكنا حرية الاختيار وحرية القرار لنعيش حياتنا أحراراً متوجهين لا عبيداً مجرورين..
قد يمضي بعض الناس حياته وما استدل على قيمه العليا وما استطاع أن يعرف ماذا يريد من هذه الحياة وهم كُثر تائهون.. وقد يستدل آخرون على قيمهم العليا ويعرفون ما هي أهداف هذه القيم ولكنهم يمضون أنفاسهم في مكان آخر يرجون أن يجدوا قيمة لحياتهم في أوهام وصور يرسمها الآخرون لهم وأولئك هم المُزيّفون..
وقلة قليلة تعرف هدفها من هذه الحياة وتجتهد لتكون حياتها بأيامها ودقائقها انعكاساً لما تؤمن به، وأولئك هم المؤمنون حقاً.. أولئك هم الحقيقيون..
نسأل الله أن نكون منهم.. وأن يكون رضاه أكبر همنا.. وأفكارنا ومشاعرنا وسلوكنا يصب كل يوم في طريق حبه ورضاه.. متحررين عما سواه.. اللهم آمين..
كيف تتعامل مع خطأ ولدك؟..
هل تخيفه؟ هل تنتقم منه؟..
هل تتركه دون تصحيح؟..
كيف كان رسول الله يتعامل مع الخطأ؟
هل كان يخيف الشخص؟ هل كان يعبس في وجهه؟
أم يصححه برفق ورحمة؟..
عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: (بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثُكْلَ أُمِّياه (وافَقْد أمي لي)، ما شأنكم تنظرون إليَّ؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -فبأبي هو وأمي- ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه،
فو الله ما كهرني (ما نهرني ولا عبس في وجهي)،
ولا ضربني ولا شتمني،
قال صلى الله عليه وسلم: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) رواه مسلم.
من أين جئنا بفكرة أنني يجب أن أخيف ولدي وأجعله يكره نفسه ليحسن من سلوكه؟!
وهل الإحباط والخوف يحسن السلوك أم يربي العبيد؟
التخويف يربي عبيد جبناء، والثقة والرفق وحسن الظن يربي أحرار شجعان..
فهل أنت مربي العبيد أم الأحرار؟
صحح الخطأ من دون تخويف!
يولد الطفل منطلقاً محباً للمعرفة والاكتشاف.. طبيعياً خالياً من التصنع.. بريئاً خالياً من النفاق.. ثم يبدأ فيكبر والأهل يرونه أهم منتج لأحلامهم وطموحاتهم.. وأن هذا المنتج يجب أن يكون مثالياً قدر الاستطاعة ليعبر عن روعتهم.. فيبدأ الأهل في رسم الخطوات التي يجب أن يسير عليها بدقة من خلال الإرشادات المستمرة.. ومدحه عندما يسير عليها وتوبيخه عند الخطأ.. فيسير يوماً بعد يوم.. ولم تتح له الفرصة -عادة- ليعبر عما يريد وعما يرغب وعما يحب، بسبب الصورة النهائية التي يجب أن يحققها، وبسبب أنه صغير لا يعرف مصلحته بعد؛ تغيب إرادته الذاتية مع سطوة إرادتنا وتحكمنا به فيفقد الطفل شعوره بالحرية النفسية ويبدأ الكبت..
يحتاج الطفل أن يشعر أنه قادر على الاختيار.. قادر على التعبير.. قادر على الشعور بالاستقلالية.. وأنه كائن مختلف عنا.. له تفرده وكيانه.. له آراؤه وأفكاره.. وله مشاعره وحاجاته الخاصة..
عندما يكبر الطفل ويصبح فتى على أعتاب الجامعة - ولم تمنح الحرية النفسية - تسأله ماذا تريد أن تدرس في الجامعة؟ فيقول: لا أدري حسب المعدل!.. لكن أهلي حابيني أكون مهندس!
عندما يخسر الطفل الشعور بالحرية النفسية يبدأ الكبت.. وعندما يبدأ الكبت تتراجع الثقة بالنفس ويتراجع تقدير الذات.. تتراجع معرفة الذات.. معرفة ما يريد الإنسان وما يحب وما يستمتع بالقيام به فعلاً.. فينتكس الإبداع.. لأن الإبداع لا ينمو إلا في ضوء الشعور بأني قادر على الاختيار وأعرف ما أريد وأحب ما أفعل.. أي لا ينمو إلا في ضوء الاستقلالية.. تشير الدراسات العلمية بأن جميع المبدعين الذين أضافوا شيئاً مبتكراً لمجتمعاتهم؛ قد وفرت لهم أسرهم الشعور بالاستقلالية والحرية النفسية، ومنحتهم حرية التعبير وحرية التفكير وحرية الاختيار..
قد نحرم ولدنا حرية الاختيار خشية أن يخطئ.. ولكنه سيخطئ أكثر في المستقبل لأنه لم يستطع أن يصقل مهارة اتخاذ القرار التي لا تنمو إلا في ضوء الممارسة، يحتاج ولدنا أن يبادر فيصيب مرة ويخطئ أخرى ليتعلم كيف يتعلم من خطئه فينمو ويتطور. إنه إذا كان يخشى الخطأ لن يبادر إلا في حدود تقليدية ضيقة تجعله إنساناً محدوداً يخشى المبادرة إلا إذا كانت مضمونة مئة بالمئة، فيفقد المغامرة ومعانقة التحديات والقفز على سلم التطور الذاتي والمجتمعي..
دعوه يبادر دون خوف ويتعلم أن الأخطاء الجديدة هي طريق التطور والإبداع..
كثير ما يساء فهم هذه الحرية بسبب خوفنا من أن ذلك قد يؤدي إلى التفلت من الدين.. وهذا الخوف ليس في مكانه.. لأننا يجب أن نغرس الإيمان والعقيدة والقيم ونترك لأبنائنا حرية التعبير والاختيار فيما يخص حياتهم..
فمثلاً..
عندما نجبر الطفل أن يأكل ما نريد سيشعر بالقمع والكبت.. ونحن نستطيع أن نتيح له الاختيار ونحاوره أنه من الجيد أن يأكل قليلاً من هذا الطعام من أجل أن هذا الطعام مليء بالفائدة ويمنحه القوة.. ثم يستطيع أن يأكل بعدها ما يحب..
فكيف نوفق بين الحفاظ على سلطة الوالدين ومنح الحرية النفسية؟
سأناقش في هذا المقال أسلوب غير تربوي يتبعه كثير من الآباء والأمهات ظناً منهم أنه سيؤدي إلى تربية مميزة لأبنائهم بينما هو حقيقة يدمر صحتهم النفسية وتقديرهم لأنفسهم وهو أسلوب:
"السعي لتحسين السلوك من خلال المديح والنقد السلبي اللاذع للخطأ"
إن تعريض الابن أو الابنة للنقد السلبي اللاذع عند قيامه بخطأ سواء بالكلمة المباشرة أو بالنظرة الكاسرة، ومدحه بمبالغة عند قيامه بالسلوك المرغوب ظناً منا أن هذا الأسلوب سيجعله كما نريد، هو من الأسباب التي تجعل أبناءنا يفقدون توازنهم وصحتهم النفسية بحسب ما تشير الدراسات، بل قد يؤدي إلى اضطراب الشخصية والذي لا يظهر إلا بعد سن 18 عاماً، وللأسف أسلوب النقد والمديح منتشر في كثير من الأسر، وهو أسلوب خاطئ جداً، يجعل الإنسان أسيراً لنظرة الناس ورضاهم، شديد الحساسية لتميز الآخرين، سريع الإحباط عند وقوعه في الخطأ.
بهذه الطريقة نبني داخله ضميراً حياً قادراً على التقييم الذاتي، ونفصله عن الاعتماد المرضي على تقييم الآخرين، ونجعل ثقته بنفسه تنبع من الداخل، لا من التصفيق أو الإهانة.
الصحة النفسية لا تُبنى بالكلمات، بل بالأسلوب اليومي الذي نعامل به أبناءنا.
شيء ما بداخلنا.. يدفعنا لنسعى ونتحرك.. قوى عظيمة تحركنا لنجري ونعمل.. في صباحنا.. وفي مسائنا.. كأننا نبحث عن شيء نريده.. هنالك شيء عميق بداخلنا نحتاجه..
نعم .. نحن نتحرك في يومنا لدوافع كثيرة.. فربما أننا نتحرك سعياً للنجاح .. وربما نريد أن نشعر بالقوة.. وقد نتوق للتميز.. ونرغب بأن نتحلى في عيون من حولنا بالجمال والكمال..
لكن هلا تساءلنا عن حقيقة دوافعنا؟.. وما وراء تحركاتنا؟.. هل نرغب بهذه الأمور لذاتها؟.. أم لأنها وسيلة تلبي حاجات أخرى كامنة في أعماقنا؟.. في داخلنا؟.. في عمق العمق؟!..
تساءلت وتساءلت.. ثم فتشت ومحصت.. فشعرت بأننا نريد شيئاً آخر.. شيئا ما.. وراء هذا النجاح والتميز والجمال.. شيئاً ما.. يجلبه لنا.. نجاحنا وجمالنا وتفوقنا..
قد رأيت.. أننا كثيراً ما نسعى.. ونحن نريد أن نشعر بالقبول.. ونتحرك.. ونحن نتعطش للتقدير.. ونتفوق.. ونحن نرغب بالحب.. نريد أن نشعر بالحب... ونريد أن نتبادل الحب.. فإن أرواحنا – حقيقة - لا تسكن إلا بالحب.. فهي ظمأى للحب.. ولا يرويها إلا الحب..
آه ..إني أشعر بقلب كل واحد منا يفتقر إلى الحب وينادي عليه :"أين أنت أيها الحب؟.. أين أجدك؟.. أحتاجك.. ولا أرى سعادة بدونك!.... أرح نفسي أيها الحب.. وأخبرني أين أجدك؟.. فقد تعبت من الجري والبحث.. والسعي من أجلك."
كم أرى في عيون البشر ظمأ قلوبهم لك أيها الحب.. وكم أشعر بحاجتهم للسكون والسعادة..
إني أسمع الآن.. مناجاة رقيقة.. ومناداة حنونة.. همس بها قلب إنسان قائلاً للحب: "بحثت عنك أيها الحب عند شتى البشر.. وكلما ظننت أني وصلت إليك.. أو أنني تحسستك.. أجدك اختفيت.. ولا أجد إلا الوهم.. أخبرني أيها الحب.. فقد تعبت.. وكدت أصاب باليأس أن أجدك يوما ما.. "
سمع الحب نداء القلب فأجاب: " تريدني.. أيها القلب لتنبض؟.. تتعطش روحك إليّ لتحيا؟..نعم.. فأنا حقيقة السعادة.. وأنا غاية الوجود.. من وجدني.. فقد وصل.. ومن فقدني.. ضاقت روحه وضاع عمره ومسعاه.. "
تساءل الحب وأكمل: " تبحث عني عند البشر؟.. ربما تجدني يوماً.. لكنك لن تجد حقيقتي.. إنما يكون شعاعاً ضعيفاً مني.. يشرق تارة.. وينطفئ أخرى.. فإن البشر.. إنما يحبونك لأجلهم.. لا لأجلك.. فربما آلموك لتحسن إليهم.. وربما منعوك وحرموك.. وربما أساؤوا فهمك فأحزنوك.. فعندها ينطفئ شعاعي"..
"حسناً.. أخبرني أيها الحب.. أين أجدك؟.. أخبرني وأرحني.." سأل القلب بحرارة
أجاب الحب: " تريد أن تتمتع بي عند " كائن بشري"؟.. نعم.. إن كان حلالاً ستجد ذلك .. وإلا أُضرم قلبك نارا بعد الحب.. ستجدني يا قلب في حب حلال.. ومع ذلك.. سأشرق على قلبك تارة.. وأنطفئ أخرى.. فإن البشر يخطئون.. يعتريهم الضعف.. فهم لا يستطيعون أن يجلبوا لأنفسهم النفع.. ويدفعوا عنهم الضر.. فكيف يجلبوا لك ويدفعوا عنك؟.. ربما لن تجدهم لك يوماً.. وربما لن تجدهم معك دوماً.. فإنهم بشر.. الضعف مجبول فيهم"..
"إذن.. أين أجدك أيها الحب؟.. لقد أتعبتني وراءك.. " تنهد القلب
أجاب الحب: "أيها القلب ستجدني.. نعم ستجدني.. وستجد حقيقتي لا أطيافي .. ستجدني عندما تتذوق الجمال.. وسأتحرك في أعماقك.. عندما تشهد الكمال.. وسأشرق بين أضلعك.. عندما ترى الإحسان.. لكن تذكر.. بـأني لا أبقى ولا أقر في جوفك إلا إذا.. ذقت جمالاً سرمدياً لا ينفد.. وكمالاً لا يعتريه الضعف والنقص.. وشهدت إحساناً دائماً لا ينقطع"..
قال القلب: " أيها الحب أريدك.. أريدك أن تأتي وتتحرك وتشرق في أعماقي.. فأنت حياتي ومناي ومهجتي.. دلني على الطريق إلى قرارك.. دلني لأجدك فأسعد.."
أيا قلب.. تفكر
قال الحب: "أيها القلب هلا تأملت في نفسك؟.. هلا تفكرت في أحوالك؟.. فلو أبصرت نفسك لعرفت ربك.. وتدفق الحب.. يغمر كيانك.. فإن الحب أقرب إليك من نبضاتك!.."
تعلقت بقدرتك ورعايتك
" أيا قلب...تيقظ...أيا قلب.. تعلق.. بمن أوجدك ويرعاك.. في نهارك وفي مساك.. وبالقوة يمدك.. وبالفهم ينير دربك.. فأنت بإمداده تحيا وتستمر .. وبدونه تطوى وتندثر.. فحياتك به.. ومآلك إليه.. ياه !.. كم أحبك يا من حياتي به.. وأمري كله بين يديه..
ما ألذ إحسانك
أيا قلب.. تنبه.. أيا قلب.. تأمل.. مع كل شربة ماء تروي الضلوع.. وفي كل لقمة لذيذة تسد الجوع.. ومع كل شفاء بعد السقم.. ومع كل رحمة بعد الألم.. أبصر عطاء الله يغمرك.. وبالحب يشحنك.. ياه كم أحبك يا من تطعمني وتسقيني.. وترعاني وتشفيني.. نعم.. أحبك وأحبك.. فأنا أهنأ ليل نهار.. بعطائك وإحسانك..
ربي.. إني أرقد ثم أصحو .. فأجد رحمتك سبقت إدراكي.. عادت روحي تتنشر يقظى في أعضائي.. واستعدت وعيي.. وشحذت مشاعري بأمل جديد.. أتنسم فيه الخير المديد.. فأقوم وأسعى برحمتك.. وأتحرك في سائر يومي برعايتك.. إنساناً أكرم أيما إكرام.. روحه نفخة من روح الله...فيا الله ما أحن رعايتك.. وكم يتجدد - في كل يوم- كرمك وعطاؤك..
أحب شدة حنانك
أحياناً.. أشعر بالهم يلف كياني.. والإحباط يزلزل أركاني.. فترسل لي ربي.. بشرى تزيل همي.. أو يداً حانية تمسح أحزاني.. أو حتى نعاساً.. أفيق بعده لأرى همومي قد تضاءلت وتصاغرت.. وحلت مكانها بسمة أمل.. تشرق على قلبي.. ما أرق ودك.. وما أعظم عنايتك.. أحبك وأحب مواساتك.. وشدة حنانك..
أخطئ.. فتحلم علي.. وتعفو عن كثير.. أتمادى فتعيدني إليك.. بابتلاء يطهرني من ظلمي وزللي.. ويرفع مقامي ومنزلتي.. تشتد الدنيا علي.. فألجأ إليك وأدعوك.. فتتولى أمري.. وتقضي تدابيرك بما فيه الخير لي... والحكمة والرحمة منسوجتان بين أقدارك.. فسبحانك.. ما أعدل حكمك.. وما أشد عونك.. وما أعذب حنانك في بلائك..
أشرق بحبك.. عندما أرى الرحمة والحب في قلوب الناس من حولي.. فأنا.. إنما امتلأت بالمعايب.. فأظهرت للناس مني المزايا والمواهب.. ما ألطف سترك.. وما أجود كرمك.. أحبك لروعة حنانك..
تعلقت بجمالك الخالد
يتوق قلبي إلى تذوق الجمال.. وإشباع حواسي ووجداني بعذوبته.. فيتعلق قلبي ب
عندما يبادر أحد أبنائنا فيعبر عن رأيه أو يطلب منك الإذن ليخرج إلى مكان معين أو يسجل في دورة معينة أو يشتري شيء لأمر معين أو يرغب في اقتناء حيوان فنقول له "لا" ونشعره بالذنب لأنه سأل فإننا نغلق أمامه نوافذ الحياة..
" كلمة "نعم" هي أكثر من مجرد كلمة.. هي تعبير عن كياننا مع أبنائنا وعن طريقة التواصل..
هي بوابة الإيجابية والتفاؤل وحب الفضول المعرفي والشجاعة والمرونة والنمو الذاتي لأبنائنا.."
هناك كثير من الأعمال الإيجابية والتعبيرات التي يقومون بها يجب أن نلتفت لها ونقول لهم "نعم"..
يوجد مساحة كبيرة في حياة ولدنا أو ابنتنا نستطيع أن نتوافق معهم فيها ولا نقوم بتنكيسهم.. نستطيع أن نتوافق معهم في كثير من الآراء التي لا يضرهم فيها أن نقول "نعم".. وكثير من "المباح" أو حتى " المكروه" أحيانا الذي يميلون إليه ويختارونه..
إن لم تكن مقتنعاً بطلبه.. تجنب أن تقول له "لا" على الفور.. حاوره بلطف ليعبر لك عن حاجاته وأفكاره.. وإذا أردت أن ترفض فارفض بلطف وأنت تحاوره لتقنعه.. واجعل رفضك استثناءً بين العدد الكبير من كلمة "نعم" التي تسمعها أذنيه في حياته معك..
"نعم أوافقك" بابتسامة تشجعه على اكتشاف العالم واكتشاف ذاته للنمو والتألق الذاتي..
تذكر أن القمع والكبت هما السببان الرئيسيان وراء كل سلوك سلبي.. وأن الكبت يعلم ولدنا أو ابنتنا التمرد علينا وعلى عدم التمييز بين التمرد على ما هو خطأ وما هو صواب، بما في ذلك منظومتنا الدينية والثقافية والأخلاقية..
ثم نتساءل لماذا يرفض ولدنا الإنصات إلينا؟!.. ولماذا لا ترغب ابنتنا في ارتداء الحجاب؟!.. ولماذا؟.. ولماذا؟!..
فلا نريد أن نقول لهم "لا" لأننا سمعناها من آبائنا مراراً أو لأننا نتوهم أن ذلك سيمنحنا قيمة أمامهم..
انتبه لردة فعلك فالثمن سيكون باهظاً لعدم وعيك..
تابعونا وشاركوا معنا: كم مرة قلت "نعم" هذا اليوم؟.. وكم مرة قلت "لا"؟..
نحو شخصية إيجابية..
بقلم أ.مها شحاده