حين يخاف أبناؤنا من أصوات الصواريخ ...

15يونيو2025
الوعي الذهني
بناء الإيمان
news cover

تمرّ اللحظات التي تختبرنا... لا بكم نعرف، بل بكيف نشعر. حين يُسمع صوت في السماء، لا ينتظر الطفل شرحًا، بل نظرة مطمئنة. لا يسأل: "ما هذا؟" بل يبحث في عيني أمه عن الأمان.

لكلّ عمر طريقته في التعبير، ولكلّ نفس مساحة مختلفة في استقبال الأحداث. الصغير يلتجئ إلى الحضن، إلى صوتٍ هادئ يهمس: "الله معنا"، إلى لعبة يعرفها، إلى قصةٍ تُقال بنبرة محبّة. الطفل الأكبر، يبدأ بالسؤال. لا يريد كل التفاصيل، بل يحتاج إلى وضوحٍ مشبع بالسكينة. أن نقول له بثقة: "هناك رجال كرام يسهرون لحمايتنا، ونحن الآن بخير، والله أقرب إلينا من كل شيء."

أما من كبر فكرُه ونما وعيه، فهو لا يبحث عن إجابة بقدر ما يبحث عن احترام لما يشعر به. قد يصمت، أو يتأمل، أو يطرح تساؤلاته بتردّد. وما يحتاجه هو صدرٌ يسمع، وكلمة تقدّر، وحوار يفتح له بابًا لفهمٍ أعمق... لا لإقفال مشاعره. في هذه اللحظات، الأم ليست مطالبة بإلغاء الحدث، ولا بتقديم أجوبة كاملة، بل بأن تكون مرآةً للسكينة. فالقلق مشروع، والخوف طبيعي، لكن السكون ينتقل بالعدوى مثلما ينتقل الاضطراب. وما ينقله وجه الأم، يسكن قلب الطفل قبل أيّ كلمة.

أن نحمي أبناءنا لا يعني فقط أن نُبعدهم عن الأصوات، بل أن نقرّبهم من الله، من ذواتهم، من محبتنا، من كلمات تدفئ الروح وتزرع الثقة في داخلهم. أن نعلّمهم أن الحياة مليئة بالمواقف المختلفة، وأن قلوبنا متى ما تعلقت بالرحيم، سكنت. في كل لحظة صعبة، فرصة لتثبيت قيمة، وتعزيز علاقة، وبناء أمن داخلي يبقى. فليكن حضورنا مع أطفالنا مرفأ استقرار، لا تعبيرًا عن الخوف. ولنعلّمهم، بالحبّ، أن السلام يبدأ من الداخل، وأن الله أقرب إليهم من أيّ صوت عابر في السماء.

مها شحاده

تصنيفات

    shape

    تواصل معنا

    مجال الاهتمام
    الرسالة