ثقافة خاطئة منتشرة جداً في مجتمعاتنا تحرمنا النجاح في تربية أبنائنا والاستمتاع بعلاقتنا معهم، بل وتمنع نموّهم العاطفي والمنطقي وهي "التعامل مع الخطأ".
مثلاً: عندما تَرِدني أنا كأم أو كأب ملاحظة من المدرسة أن ولدي ينسى حل واجباته.. ما هي ردة الفعل الدارجة تجاه هذا الخطأ؟
خيبة الأمل؟ التأنيب؟ التهديد؟ الوعظ؟..
ماذا سيتعلم الولد.. أن يخفي خطأه؟ أن يكره نفسه؟ أن يشعر بالإحباط والدونية؟
من الممكن أن نستغل وجود أخطاء لأبنائنا ونحولها لفرصة لتعليمهم مهارات التفكير وتنمية الذكاء ورفع الثقة بالنفس من خلال تعليم مهارة حل المشكلات بدلاً من التأنيب والإحباط.
الخطوة الأولى:
يجب أن تسأل ولدك بثقة وحسن ظن ومن دون تخويف:
لماذا تنسى حل الواجب؟ فكر ما هي الأسباب التي تجعلك تنسى؟
ثم تستمع إليه باحترام وتعطيه الفرصة ليفكر ويحلل الأسباب وينمي مهارات تفكيره، وتتقبل أنه من الطبيعي أن يخطئ الإنسان، فيتعلم مراجعة نفسه ويتحمل مسؤولية خطئه، بدل من إخفائه وإنكاره كما يفعل كثير من الناس في مجتمعاتنا اليوم.
الخطوة الثانية:
بعد أن تصغي إليه، تطلب منه أن يضع الحلول لهذه المشكلة التي يعاني منها، ويختار منها ما يمكن تطبيقه فعلاً:
ماذا يمكن أن تفعل لحل مشكلة نسيان الواجب؟
الخطوة الثالثة:
تابعه في حل المشكلة وشجعه على التقدم في حلها، اسأله:
ماذا حدث معك؟ كم نسبة تقدمك في حل المشكلة؟
مع تقبل أنه لا يستطيع فجأة أن يحل جميع واجباته، وبالتالي نشجعه على أي تقدم يحرزه حتى لو كان حل واجب واحد في الأسبوع، طبعاً مع استمرار تشجيعه على وضع الحلول لهذه المشكلة ومناقشته في الأسباب والحلول ليصل إلى المرحلة أنه يتذكر حل واجباته بصورة عالية.
عندما نتقبل أن التقدم الجزئي هو الذي يؤدي إلى التقدم العالي، ونشجع الجهد المبذول بدل من منح التقدير للنتيجة النهائية، سيتشجع ولدنا لتحقيق المزيد من التقدم ولن يخاف الفشل، وبالتالي سيكتسب عقلية نامية Growth Mindset تعانق التحدي وتستمتع بتحقيق أجزاء صغيرة يومية من النجاح، تشجعه على تحقيق المزيد والمزيد من النجاح في حياته.
إن منح التقدير فقط عندما يحقق ولدنا النتيجة النهائية يكسب الولد عقلية الأبيض والأسود Black or white - وهي من أخطاء التفكير الدارجة Cognitive Distortions، التي تؤدي إلى السلبية وضيق الأفق والخوف من المبادرة، فهو إما ناجح أو فاشل، إما أحل جميع الواجبات أو أنا فاشل.
كم يحتاج أبناؤنا إلى الاحتواء عندما يخطئون، بدلاً من الوقوف ضدهم وإحباطهم في واقع صعب ينتظرهم؟
وكم يحتاجون إلى تنمية مهاراتهم بدلاً من تجميدها من خلال التخويف والإحباط وإلقاء اللوم؟
وكم يحتاجون إلى التشجيع ليواجهوا التحديات وينمون من خلالها، ليشعروا بالثقة ومتعة النمو، بدلاً من الإحساس بالضعف والدونية؟
ثم نلومهم لماذا لا يتحملون المسؤولية ولماذا هم سلبيّون؟!